دليلك الشامل لتعلم الصلاة
مقدمات الصلاة
قبل الشروع في الصلاة، يجب على المصلي أن يحقق شروطاً أساسية لا تصح الصلاة بدونها. هذه الشروط هي بمثابة تهيئة البدن والروح للوقوف بين يدي الله تعالى.
"أوّل ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاة، فإن قُبِلَت قُبِلَ ما سواها، وإن رُدَّت رُدَّ ما سواها."
عن الإمام الصادق (عليه السلام) - الكافي، ج 3، ص 268.1. الطهارة
وهي شرط أساسي، وتشمل الطهارة من الحدث (بالوضوء أو الغسل أو التيمم) والطهارة من الخبث (إزالة النجاسة عن البدن واللباس).
كيفية الوضوء
الوضوء هو طهارة مائية واجبة للصلاة وغيرها من العبادات. وهو يتكون من غسلتين ومسحتين:
- النية: أن يقصد بقلبه فعل الوضوء قربة إلى الله تعالى.
- غسل الوجه: غسل الوجه من منبت الشعر طولاً إلى طرف الذقن، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضاً.
- غسل اليد اليمنى: غسل اليد اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع.
- غسل اليد اليسرى: غسل اليد اليسرى من المرفق إلى أطراف الأصابع.
- مسح الرأس: مسح مقدم الرأس بما بقي من بلل الوضوء في اليد اليمنى.
- مسح القدمين: مسح ظاهر القدم اليمنى بباطن الكف اليمنى، ثم مسح ظاهر القدم اليسرى بباطن الكف اليسرى.
التيمم: بديل الطهارة المائية
التيمم هو طهارة ترابية يلجأ إليها المكلف عند تعذر استخدام الماء. ومسوغاته الأساسية هي: عدم وجدان الماء، عدم إمكانية الوصول إليه، الخوف من ضرر عند استعماله، أو الحرج والمشقة الشديدة.
- ضرب باطن الكفين معاً على ما يصح التيمم به (كالتراب الطاهر أو الصخر).
- مسح تمام الجبهة والجبينين بالكفين من منبت الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والحاجبين.
- مسح تمام ظاهر الكف اليمنى بباطن الكف اليسرى.
- مسح تمام ظاهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى.
2. الأذان والإقامة
يستحب استحباباً مؤكداً للرجال والنساء الأذان والإقامة قبل الصلوات اليومية، ويتأكد الاستحباب في صلاتي الصبح والمغرب.
كيفية الصلاة وأذكارها
فيما يلي بيان لواجبات الصلاة الأساسية مع تفصيل الأذكار والمستحبات لزيادة كمال الصلاة.
واجبات الصلاة:
- النية وتكبيرة الإحرام: القصد القلبي للصلاة ثم قول "الله أكبر".
- القراءة: قراءة سورة الحمد وسورة كاملة أخرى في الركعتين الأولى والثانية.
- الركوع: الانحناء ووضع اليدين على الركبتين.
الذكر الواجب: "سُبْحانَ رَبِّيَ الْعَظيمِ وَبِحَمْدِه" مرة واحدة. أو "سبحان الله" ثلاث مرات.
الذكر المستحب: تكرار الذكر الواجب ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، والصلاة على محمد وآل محمد. - السجود: وضع المساجد السبعة على الأرض (الجبهة، الكفان، الركبتان، إبهاما القدمين).
الذكر الواجب: "سُبْحانَ رَبِّيَ الأَعْلى وَبِحَمْدِه" مرة واحدة. أو "سبحان الله" ثلاث مرات.
الذكر المستحب: تكرار الذكر الواجب، والدعاء، والصلاة على محمد وآل محمد. - التشهد والتسليم: الجلوس بعد السجدة الثانية من الركعة الثانية والركعة الأخيرة.
صيغة التشهد الواجب: "أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ".
صيغة التسليم الواجب: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ". ويستحب إضافة "السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللهِ الصّالِحينَ" قبله.
مستحبات الصلاة:
هناك العديد من المستحبات التي تزيد من كمال الصلاة وثوابها، ومن أهمها:
- القنوت: وهو مستحب مؤكد في الركعة الثانية من كل صلاة بعد القراءة وقبل الركوع. وهو عبارة عن رفع اليدين بالدعاء. من أبسط صيغه قول: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".
- التكبيرات الانتقالية: يستحب قول "الله أكبر" عند الانتقال من ركن إلى آخر، مثل الهوي إلى الركوع أو السجود والرفع منهما.
- الاستعاذة قبل القراءة: قول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" سراً قبل قراءة سورة الحمد.
- التعقيبات: وهي الأذكار والدعاء بعد الانتهاء من الصلاة، وأشهرها تسبيح الزهراء (عليها السلام): (الله أكبر 34 مرة، الحمد لله 33 مرة، سبحان الله 33 مرة).
أحكام الشك والسهو (تفصيل)
قد يطرأ على المصلي الشك أو السهو أثناء صلاته، وقد بيّن الفقهاء أحكاماً خاصة لمعالجة هذه الحالات.
أولاً: الشكوك في الصلاة
الشكوك على ثلاثة أنواع: شكوك مبطلة، شكوك لا يعتنى بها، وشكوك صحيحة لها علاج.
- الشكوك المبطلة: وهي التي تبطل الصلاة بمجرد حصولها، مثل: الشك في عدد ركعات الصلاة الثنائية (الصبح) أو الثلاثية (المغرب)، أو الشك في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية (كالشك بين الأولى والثانية).
- الشكوك التي لا يعتنى بها: وهي التي يجب على المصلي عدم الاهتمام بها والمضي في صلاته، مثل: شك كثير الشك، وشك الإمام والمأموم، والشك بعد الفراغ من الصلاة أو بعد تجاوز المحل.
- الشكوك الصحيحة وعلاجها: وهي خاصة بالصلوات الرباعية (الظهر، العصر، العشاء)، ولها علاج محدد كما في الجدول التالي:
| نوع الشك | الوظيفة (العلاج) |
|---|---|
| الشك بين الركعتين الثانية والثالثة | يبني على الثالثة، وبعد إتمام الصلاة يأتي بركعة احتياط من قيام. |
| الشك بين الركعتين الثالثة والرابعة | يبني على الرابعة، وبعد إتمام الصلاة يأتي بركعة احتياط من قيام أو ركعتين من جلوس (مخيراً). |
| الشك بين الركعتين الثانية والرابعة | يبني على الرابعة، وبعد إتمام الصلاة يأتي بركعتين احتياط من قيام. |
| الشك بين الركعتين الرابعة والخامسة (بعد إكمال السجدتين) | يبني على الرابعة ويتشهد ويسلم، ثم يأتي بسجدتي السهو. |
ثانياً: أحكام السهو
إذا نسي المصلي جزءاً من الصلاة أو أتى بشيء سهواً، فهناك أحكام تترتب عليه:
- ما يوجب سجود السهو: يجب الإتيان بسجدتي السهو بعد الصلاة مباشرة في حالات منها: الكلام سهواً، نسيان التشهد، التسليم في غير موضعه، والشك بين الرابعة والخامسة كما مر.
- ما يوجب القضاء: إذا نسي المصلي سجدة واحدة أو ركوعاً ولم يتذكره إلا بعد الدخول في الركن الذي يليه، يجب عليه قضاء الجزء المنسي بعد الصلاة، ثم الإتيان بسجود السهو.
مبطلات الصلاة
تبطل الصلاة بعدة أمور إذا وقعت أثناءها عمداً أو سهواً في بعض الحالات.
- فقدان شرط من شروطها أثناءها، كالطهارة أو ستر العورة.
- الحدث الأصغر أو الأكبر (كالريح أو البول).
- وضع اليدين إحداهما على الأخرى (التكتف) على نحو الأدب والخضوع.
- قول "آمين" بعد قراءة سورة الحمد.
- تعمد الالتفات بالوجه عن القبلة بما يوجب الإخلال بالاستقبال.
- الكلام العمدي، ولو بحرفين ليس لهما معنى.
- القهقهة (الضحك المشتمل على الصوت والترجيع).
- البكاء العمدي بصوت لأمور الدنيا.
- كل فعل ماحٍ لصورة الصلاة، كالتصفيق والقفز.
- الأكل والشرب.
- تعمد زيادة ركن أو نقصانه.
كيفية قضاء الصلوات الفائتة (تفصيل)
من فاتته فريضة يومية لعذر (كنوم أو نسيان) أو لغير عذر، يجب عليه قضاؤها. والتوبة من ترك الصلاة لا تسقط وجوب القضاء.
حكم من فاتته صلوات كثيرة جداً
من ترك الصلاة لسنوات طويلة ثم تاب وأراد قضاء ما فاته، يجب عليه قضاء جميع الصلوات التي يتيقن بفواتها. ولا تسقط هذه الصلوات بالتقادم أو التوبة. ولتسهيل الأمر عليه، يمكنه اتباع طرق عملية للقضاء:
- القضاء التدريجي: أن يقضي مع كل صلاة يؤديها صلاة مماثلة لها قضاءً. فمثلاً، يصلي قضاء صلاة صبح مع صلاة الصبح أداءً، وقضاء ظهر مع الظهر أداءً، وهكذا.
- تخصيص وقت للقضاء: أن يخصص وقتاً يومياً (ولو نصف ساعة) لقضاء ما فاته من الصلوات بالترتيب الذي يراه مناسباً.
- عدم وجوب الترتيب: لا يجب الترتيب في قضاء الصلوات الفائتة إلا بين الصلوات المترتبة في أصلها من نفس اليوم (مثل قضاء الظهر قبل العصر من نفس اليوم الفائت). أما قضاء صلوات من أيام مختلفة فلا يجب فيه الترتيب.
المهم هو العزم على القضاء والبدء به وعدم التسويف، والله سبحانه وتعالى يرى من عبده الصدق في التوبة والنية في تدارك ما فات.